المعهد يدفع بعضهم للاستقالة أو القبول بوظائف هامشية بسبب خطأ لم يرتكبوه
التعليم العالى تحاسب الأربعة على خطأ "المدينة العالى للهندسة وللتكنولوجيا"
الواقعة تطرح علامة استفهام كبيرة على علاقة الوزارة بالمعاهد والجامعات الخاصة
هذه الواقعة مهداه الى الدكتور محمد أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، فبسبب خطأ إدارى ارتكبه معهد المدينة العالى للهندسة والتكنولوجيا ، تم ايقاف 4 معيدين ودفع بعضهم إلى الاستقالة ، ومحاولة إرغام البعض على القبول بوظائف هامشية بهدف الخروج من المأزق.
الواقعة تتنافى مع القانون والدستور ، لكن الأغرب أن تُصر وزارة التعليم العالى على التضحية بمستقبل عدد من الشباب المتميزين علميًا ، وفى المقابل التسامح مع معهد المدينة والانتصار له ، وهو ما يضع علامة استفهام كبيرة على العلاقة التى تربط التعليم العالى بالمعاهد والجامعات الخاصة حتى فى حالة تجاوزاتها.
المعيدون الأربعة الذين تقدموا لشغل وظيفة معيد طبقا لإعلان المعهد تم تعيينهم والتأمين عليهم بعد اجتيازهم شهور الاختبار منهم المهندس كريم طارق عبد ربه وثلاثة آخرين ، وجميعهم من خريجى كليات الهندسية وبتقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف ويدرسون للحصول على درجة الماجستير.
كان المعيدون الأربعة قد تقدموا لشغل وظيفة معيد والتى أعلن المعهد عنها فى شهر مارس 2021 وفى 29 من نفس الشهر تم اختيار المهندس كريم وآخرين للتعيين بدرجة معيد لكفاءتهم لينضموا إلى فريق العمل بالمعهد حتى تم تثبيتهم بعد انقضاء فترة الاختبار فى الأول من يوليو من نفس العام ، ليدخلوا تحت مظلة التأمينات الاجتماعية فى الأول من أكتوبر.
كل ذلك وجميعهم لم يصل بعد إلى عمر الـ 27 عاما وكان يفترض أن يتم إخطار وزارة التعليم العالى بأوراق ومستندات التعيينات مع انتهاء الإجراءات لتقوم الوزارة بإصدار قرار وزارى لتعيينهم معيدين بالمعهد.
وبعد ذلك رفضت وزارة التعليم العالى إصدار قرار وزارى بتعيين الأربعة كمعيدين بمعهد المدينة العالى للهندسةوالتكنولوجيا وتبرر ذلك بأن جميعهم قد تجاوز عمر 27 عامًا وقت ورود الطلب إلى الوزارة.
تبرير التعليم العالى يستهدف الالتفاف على الحقائق وتجاهل نص المادة الثالثة من القرار الوزارى رقم 4834 الصادر فى 15 أكتوبر 2018 والمطبق فى ذلك التاريخ ، وينص على ألا يزيد سن المتقدم لوظيفة معيد على 27 سنة عند التقدم للوظيفة وألا يقل تقدير تخرجه عن جيد جدًا (المجموع التراكمى عن 75%) وكل من الشرطين متوافر فيهم جميعًا.
إذن العبرة بتاريخ التقدم للوظيفة والتى تسبق بلوغهم عمر الـ 27 عامًا بأكثر من 6 أشهر كاملة.
وإذا كان المعهد قد أهمل فى إرسال أوراق المهندسين المقبولين والمعينين والمؤمن عليهم إلى الوزارة، مخالفًا بذلك أخلاقيات العمل الإدارى حيث لم يقم بتأدية الأعمال الموكولة إليهم وهو ما انعكس عليهم ليس بواقعة يستهان فيها بمستقبل 4 شباب فى مقتبل العمر، كان من المفترض أن يتولى المعهد إخطار الوزارة فور تعيينهم.
المثير للدهشة أن الوزارة تحاسب المهندسين الأربعة على أخطاء ارتكبها معهد المدينة العالى للهندسة و التكنولوجيا، ولم تقترب منه وكأن التعليم العالى يلعب دور الاصطفاف مع المعاهد الخاصة وعدم محاسبتها والاكتفاء بمعاقبة الجانب الأضعف فى المنظومة وهم عدد من الشاب فى مقتبل الحياة حتى ولو تم التضحية بمستقبلهم من أجل عيون المعهد الخاص.
ضغوط كثيرة مارسها المعهد ضد المعيدين الأربعة منها منعهم من ممارسة عملهم وتوقيع جزاءات عبر مذكرات أعدت بعيدًا عن منحهم مجرد حق معرفة الاتهامات أو مناقشتها أو الرد عليها.
عملية تنكيل مكتملة الأركان مما دفع باثنين منهم إلى تقديم استقالتهما. بينما مسلسل التنكيل بالاثنين الباقيين مستمرا للوصول بهما إلى نفس النتيجة وهى الاستقالة ، كان آخر هذه التصرفات محاولة تحويل المهندس كريم طارق الى وظيفة ادارية متخطين فى ذلك كل القواعد والأعراف.
يقول المهندس كريم طارق : تقدمت للقضاء بعد مخاطبتى لكل الجهات بداية من إدارة المعهد مرورا بوزارة التعليم العالى ، وصولًا الى مجلس الوزراء لحماية حقى فى وظيفة تقدمت إليها وفقا لإعلان ، وبعد اختبارات تم تعيينى معيدا بقسم الهندسة المدنية (معهد المدينة العالى للهندسة والتكنولوجيا) منذ شهر مارس 2021 (حوالى 20 شهرًا).
ويضيف : إننى الآن أقع بين معهد أهمل فى إرسال أوراقى إلى وزارة التعليم العالى، وبين وزارة التعليم العالى التى ترفض تنفيذ القرار الوزارى رقم 4834 بتاريخ 15/10/ 2018 المادة الثالثة حيث تنص على ألا تزيد سن المتقدم لوظيفة معيد على 27 سنة عند التقدم
هذا ما تضمنته دفتا مذكرات ودعوى قضائية تقدم بها المهندس كريم وزملائه المنزوعة صلاحياتهم
ومع تحول الأمور إلى نوع من التحدى لدى القائمين على أمر المعهد ، فقد تم منعهم من القيام بممارسة عملهم ومحاصرتهم لدفعهم للاستقالة أو قبول أى عمل آخرلا يتوافق ومؤهلاتهم بهدف التغطية على أخطائهم.
والسؤال هل يصحح وزير التعليم العالى مسار المعهد بالانتصار لحقوق شباب فى مقتبل العمر كل ذنبهم أنهم متفوقون ورافضون للمساومة حول حقوقهم فى الاستمرار بعملهم كمعيدين بمعهد المدينة.. أم يتركون الأمر حتى يتدخل مجلس الوزراء لحل الأزمة ووضع الأمور فى نصابها وإعادة المعيدين إلى عملهم؟
والسؤال الاكثر اهمية : هل هذه الواقعة هى الاولى لمعهد المدينة العالى للهندسة والتكنولوجيا ام أنها سبق وأن تكررت خلال السنوات الماضية ولكن بصور مختلفة مع العديد من المعيدين؟